جبل النور، وحق له أن يسمى كذلك، وكيف لا؟ وعليه مهبط الوحى الأول إلى خير خلق الله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وعليه اتصل وحى السماء بالأرض، فجاءت اولى آيات الفرقان وفيها كل مافيها من كلمات من نور الحق إلى الناس، قليلة فى عددها، وبلا نهاية فى معانيها ونورها، و أمر بالعلم مفتوح ينم عن روح هذه الرسالة الجامعة الخاتمة، على هذه الدروب سارت خطى محمد بن عبد الله لسنوات قبل البعثة يعلم الله عددها، مبتعدا عن باطل قومه، متاملا متفكرا فى ملكوت الله باحثا عن الحق
علي هذا الجبل كانت لحظة من أجل وأعظم لحظات التاريخ، إن لم تكن أجلها وأعظمها على الإطلاق، لحظة نزول الوحى لأول مرة بإقرأعلى خير خلق الله كلهم فى بداية تحول تاريخ البشرية كما لم يتحول من قبل أو بعد
جبل النور كما يبدو من قاعدته، والجزء الأعلى كما يرى فى الصورة شديد الوعورة والانحدار إلا من الجهة الشرقية (اليمنى فى الصورة)، و يوجد غار حراء أول منازل القرأن الكريم ومتحنث رسول الله صلى الله عليه وسلم دون قمة الجبل بنحو عشرين مترا كما يشبر السهم إلى موقعه، ولابد للوصول إليه من الوصول للقمة أولا ثم الهبوط إلى موقع الغار كان حلم زيارة منزل الوحى الأول كثيرا ما يراودنى، وسنحت ما ظننتها فرصة فى عصر يوم قبل الغروب بأكثر من ساعة أثناء وجودى فى ام القرى، كان ما فى ظنى أن أستغل التكنولوجيا الحديثة للسيارات وأقطع مسافة الكيلومترات القليلة إلى جبل النور فى سيارة أجرة تحريت أن يكون قائدها من أهل مكة، ثم اصعد سريعا إلى الغار وأهبط قيل الغروب، فمعظم ماأراه حولى من جبال مكة لا يتجاوز ارتفاعه المائتى أو الثلاثمائة متر، ولاأدرى لماذا وقر فى ظنى أن يكون الغار فى الجزء الأدنى من سفح أحدها، ربما كان ذلك من تخيل للحياة العربية فى ذلك الزمان، وربما كان ذلك من فهمى لقصة نزول الوحى وإسراعه صلى الله عليه وسلم إلى السيدة خديجة مزملا مدثرا، وألفيت المكى الطيب يبتسم ويحاول أن يثنينى عن عزمى لعدم كفاية الوقت، ولكننى أصررت على الاستمرار ولو لرؤية الجبل، وبينى وبين نفسى كان عزمى على الصعود، فقد صعدت عدة جبال صعبة المصاعد فى أسفار متفرقة
وصلت السيارة إلى قاعدة ما أخبرنى السائق أنه جبل النور، ونظرت لأجد جبلا شامخا شديد اتساع القاعدة وياخذ سفحه فى الإرتفاع اللطيف حتى يقترب من القمة ثم يبدأ فى الإرتفاع الحاد بدرجة تقترب من القائمة إلا فى الجانب الشرقى حيث يكون هذا التحول أقل حدة، ويصل إلى القمة العريضة شبه الأفقية، وسألت دليلى عن موقع الغار فى هذا الطود الشامخ، وقد بدأت ثقتى فى الوصول للغار ذلك اليوم تتناقص ليلقى مفاجأته الثانية، وظننتنى قد أخطأت الفهم عندما أشار إلى نقطة عند القمة!! وقد كان هناك!! فى أعلى ذلك الجبل والذى يرتفع إلى حوالى ثمانمائة أو تسعمائة متر، كانت مفاجأة بالنسبة لى، ولم يكن هناك مناص من أن أعود من حيث أتيت فى ذلك اليوم
وكان على أن أنتظر عامين آخرين حتى تتاح الفرصة مرة أخرى، وفى هذه المرة بكرت للخروج بعد صلاة الفجر، وذهبت إلى حيث توقفت من قبل، وبدأت صعودا شاقا وما كان سهلا وما كان قصيرا، كان معظم الطريق قد تم تعبيده إن صح هذا التعبير على أيدى متطوعين عبر القرون، ومع هذا التعبيد فإن الوصول إلى الغار على قمة الجبل لا يتيسر إلا لقوى شديد، والغار على قمة الجبل والرحبة أمامه منعزلان يختفى طريق الدخول إليهما بين صخور ضخمة متلاصقة لا تظن العين العابرة أنه يمكن المرور من خلاله
تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أول السفح وبداية الصعود، وتبدو الأبعاد من حجم المبانى لهذه الضاحية من ضواحى مكة المكرمة والأطياف الصغيرة للصاعدين والهابطين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
استراحة بدائية فى طريق الصعود، ديث يستظل الصاعدون من الشمس الساخنة رغم الصباح، ويروون العطش بالمياه المعدنية، ويشترى من يرغب صورا لمعالم إسلامية أخرى علهم يزورونها يوما [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وعلى مدار السنوات يتم تعبيد بدائى بواسطة متطوعين يعتمدون على صدقات الصاعدين
قمة جبل النور حيث يتعين المرور للوصول إلى الغار والذى يقع حوالى عشرين مترا دون القمة من الجانب الآخر من السفح، ويبدو أن هذا هو الطريق الوحيد حيث أن الجانب الذى يوجد به الغار شديد الوعورة والانحدار
الغار كما يبدو من قمة الجبل، وأمامه شرفة شبه طبيعية ربما ساهم فى نحت السور الصخرى إلى اليمين المتطوعون على مر القرون حماية للزائرين، وكم جلس هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
النزول الحاد على درجات إلى غار حراء من القمة، وما كان هناك درجات يهبط عليها أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم
وبعد هبوط الدرجات المنحدرة يجد الإنسان نفسه وكأنما وصل إلى نهاية طريق، فهناك صخور ضخام متلاصقة إبى اليمين ومنحدر الجبل الحاد إلى اليسار والأمام، ووقفت حائرا مترددا لدقائق قبل أن أجد شخصا خارجا من شق ضيق بين صخرتين، يسمح بالكاد وبصعوبة بمرور شخص متوسط البنية، وإذا هذا الشق يؤدى إلى ممر يضيق ويتسع وينتهى بفتحة خفيضة ينحنى المار للخروج منها ليجد نفسه قى مظلة طبيعية ثم الرحبة أمام غار حراء، والغار إلى اليسار [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
صخور متقاربة لاتظن العين العابرة أنها تؤدى إلى مكان آخر، ولكنها لعمرى تفعل، ففى نهاية الممر بقعة اختارها خير خلق الله لتحنثه و تأمله قبل البعثة، وكرمها الله بجعلها المكان الذى فيه أول نزول القرآن الكريم، المكان المرادف لزمان ليلة خير من ألف شهر
تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الغار وقد جلس فيه مصل وانتظر آخرون، وقد كتب أعلى مدخله وعلى جدرانه بطريقة وألوان يدائية بواسطة مخلصى النية من الطيبين ممن تنقصهم التوعية الدينية حتى لا يتم التزاحم على الصلاة فى هذا المكان التى لم يرد بها سنة عن النبى صلى الله عليه وسلم، كما تنقصهم التوعية التاريخية حتى لا تتم طلاء صخور الجبل بهذه الطريقة البدائية، أو كساء أرضيته بالسيراميك مما يغير من طبيعة المكان
المنظر كما يرى من الشرفة و مدخل الغار: جبال ووديان وسماء وأفق رحيب، وكم صافحت وتأملت عينا الأمين عليه الصلاة والسلام هذا الفضاء
تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قمة جبل النور كما ترى من الغار، وهذه النقطة من قمة الجبل هى المكان الوحيد الذى يمكن منه رؤية منطقة الغار ومعرفة وجودها كم يطوف بالفكر عند تشرفى بدخول المسجد الحرام أذى قريش لرسول الله فى هذا المكان قبل الهجرة، و عندما يخترق القلوب قبل الآفاق الأذان فى الحرم يمتثل الخيال بلالا يوم الفتح يرتقى الكعبة المشرفة وأهل مكة كأن على رؤوسهم الطير واذان الحق يملأ الآفاق، والرسول صلى الله عليه وسلم يطلق فى لحظة واحدة من عذبوه وحاربوه سنوات طوالا
إن جبل النور وغار حراء هو واحد من أهم الأماكن فى تاريخ الإسلام وسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد شهد واحدا من أهم أحداث تاريخ البشرية والإسلام واللحظات الفاصلة فى حياة الرسول عليه الصلاة والسلام ورؤيته هى جزء مكمل للقراءة عن هذا التاريخ وهذه السيرة، والتدبر والإعتبار بهما، إن هذه الآثار هى جزء من الدرس العملى لدراسة التاريخ، وبدونها تكون قراءة التاريخ كقراءة كتاب الكيمياء بدون الدخول إلى المعمل، و الأماكن التى ارتبطت بالسيرة أخرى كثيرة طمس معالم معظمها للأسف مر الأيام والإنسان