بسم الله الرحمن الرحيم
السلام
عليكم و رحمة الله و بركاته
تحية طيبة اخواتي وأخوانى, و يسرني ان التقي معكم من خلال هذا
الموضوع لاطرح عليكم فكرة قد راودتني الهدف منها و المقصد هو أن تقديم
المساعدة للجميع في كتابة قصة انيقة و رائعة تليق بقدرات كاتبها الحقيقية
خصوصا و ان القسم ( و لله الحمد في ذلك و المنة) بدأ يزخر بالعديد من القصص
الرائعة والمشوقة و التي لضيق الوقت لا اتمكن من الرد عليها او قرائتها.
لكل شيء قواعد و أصول, و حين الارتكاز على هذه القواعد كنقطة
أنطلاق للابداع فإن قيمة القصة ترتفع و تزداد و تأخذ حقها في التقدير و
العناية, و لكن حينما تكون هذه القواعد هشة و غير مبنية بالطريقة الصحيحة
او لم يصرف الوقت الكافي لبنائها فإن كل ما بني عليها هش ضعيف يسقط في أضعف
المواقف و أهونها.
لست بصدد إلقاء معلومات اكاديمية في هذا الموضوع إذ انه
ليس من اهدافي و لا من طرائقي, و إنما هي معلومات تأخذها مباشرة إلى حيز
التطبيق و التنفيذ بسلاسة و سهولة تمكنك من القيام باصعب الاعمال باوجز
طريقة و تلقي افضل نتيجة.
حينما نكتب قصة فإننا نكتب عن شخصيات معينة, قد يكثر عددها و
قد ينحصر على واحد!, و لنتخيل هذا المشهد :
-------------------------------------------------------------
مصطفى:
لقد أسقطت مفاتيحي في البئر.
خالد: و كيف ذلك؟
-------------------------------------------------------------
المشهد السابق لا يمكن ان نسميه
بالمشهد النموذجي الذي يمكن ان نجعله نقطة انطلاق! و لكني سأجعله نقطة
انطلاق لتوضيح كيفية الوصول لنقطة الانطلاق الصحيحة.
حينما تتفاعل شخصيتين مع بعضهما يجب أن نتذكر أن هذا التفاعل
قد يكون بكلام الجسد ( حركات و إيماءات) و قد يكون بالصوت ( كلمات و
عبارات), و في المشهد السابق فإن التفاعل كان بالصوت و لكن ينقصه الكثير
مما يبهج القارئ و ما يمتعه , فمتعة القارئ أهم من تعبير الكاتب عن نفسه. و
بما ان تفاعل الصوت موجود , فسندخل تفاعل الجسد, ليكون المشهد كالتالي:
-------------------------------------------------------------
طأطأ
مصطفى رأسه قائلا: لقد أسقطت مفاتيحي في البئر.
التفت خالد إلى مصطفى
صائحا: و كيف ذلك؟
-------------------------------------------------------------
يبدو المشهد الان افضل من السابق فهو معبر أكثر عن
الحالة النفسية للشخصيتين, و لكن هل هذا كل شيء؟ طبعا لا و لاننا لم نصل
بعد لنقطة الانطلاق! نحن الان على علم بحالة مصطفى و خالد النفسية من خلال
حركات الجسد و ما يصدرانه من اقوال تخالج صدريهما, و لكن ماذا عن البيئة
التي يتفاعلان فيها؟ نعم البيئة مهمة لانها تعطينا فكرة عن الموقف الذي حدث
بينهما, و ليكن المشهد كالتالي:
-------------------------------------------------------------
في
غرفة مغلقة مظلمة, كان مصطفى و خالد محبوسين فيها.
طأطأ مصطفى رأسه
قائلا: لقد أسقطت مفاتيحي في البئر.
التفت خالد إلى مصطفى صائحا: و كيف
ذلك؟
-------------------------------------------------------------
يبدو ان قيمة المفاتيح قد كبرت بمعرفتنا بطبيعة المكان الذي
هم فيه, و لكن هل وصف المكان كان كافيا؟ بمعنى هل شعور الظلمة و انسداد
الابواب على شخصيات المشهد قد وصل كاملا للقارئ؟ انا لا اعتقد ذلك و فما
رأيكم باضافة المزيد من الوصف الذي يساعد في ذلك, ليكون المشهد كالتالي:
-------------------------------------------------------------
في
غرفة مغلقة مظلمة ضيقة و متسخة, كان مصطفى و خالد محبوسين فيها , الباب
المعدني أمامهم و البئر من خلفهم, كان مصطفى يقف وراء خالد مباشرة الذي كان
شديد التحديق بفتحة الباب.
طأطأ مصطفى رأسه قائلا: لقد أسقطت مفاتيحي
في البئر.
التفت خالد إلى مصطفى صائحا: و كيف ذلك؟
-------------------------------------------------------------
دعوني اخبركم الان اني اشعر بالرضا عن المشهد الحالي,
فهو يحتوي على التفاعل الجيد بين الشخصيات و التفاعل الواقعي مع البيئة, و
هي نقطة الانطلاق للابداع التي تستلزم خزينة لغوية جيدة لا تتم إلا
بالقراءة المستمرة. و لتحسين المشهد السابق لغويا , يصير المشهد كالتالي:
-------------------------------------------------------------
في
غرفة مغلقة معتمة ضيقة مظلمة و متسخة, حبس فيها مصطفى و خالد بعد الذي كان
منهم , الباب المعدني قبالتهم و البئر المتهاوي من خلفهم, وقف مصطفى وراء
خالد مباشرة الذي كان منشغلا بالتحديق في فتحة الباب.
طأطأ مصطفى رأسه
بكسل قائلا: لقد سقطت مفاتيحي في البئر.
التفت خالد بحدة نحو مصطفى
صائحا: و كيف ذلك؟
-------------------------------------------------------------
من خلال المشهد السابق يمكننا الانطلاق نحو توسيع
نطاق البيئة كأن نذكر ما خلف الباب , و توسيع نطاق الشخصيات بأن نورد
شخصيات داخل الغرفة أو خارجها بحيث تتفاعل مع بعضها و مع البيئة من خلال
تفاعل : الجسد/الصوت/البيئة, و هي المركبات الثلاث الاساسية لاي قصة ناجحة.
أتمنى ان اكون قد وفقت في طرح خطوات عملية
سهلة لكتابة قصة اكثر روعة و تحتوي على جماليات عفوية تختطها ايديكم
الرائعة.